موضوع الأسبوع
ساعة سايروس كليبسيس دايس دوبل إنديبيندينت كرونوغراف إيفوليوشن

ابتكرت سايروس جنيف ساعة "كليبسيس دايس دوبل إنديبيندينت كرونوغراف إيفوليوشن "، ساعة تتميز ببراعتها الميكانيكية المعقدة. أعجوبة هندسية بين أيدينا اليوم، فهي لا تحتوي على كرونوغراف أُحادي الضغط واحد فقط بل اثنين مستقلين تمامًا، ولكنهما مندمجتان بسلاسة في نفس الحركة، مما يجعلها قادرة على قياس فترتين قصيرتين من الوقت إما بشكل مستقل أو في وقت واحد. 
ويعود تاريخ أول تعقيدة كرونوغراف مزدوجة مستقلة إلى عام 1873 عندما سجل صانع الساعات الأمريكي "أرنولد فرانكفيلد" آلية مماثلة لساعة سايروس في ساعة جيب في مكتب براءات الاختراع في ولاية نيويورك الأمريكية. وعلى حد علمنا، لم يتمكن أي شخص آخر قبل سايروس جنيف من مواجهة هذا التحدي بنجاح.


 

مقال الأزمة التي كادت أن تعصف الصناعة

ثورة الكوارتز والاضطراب في صناعة الساعات

على مر التاريخ، تطورت عملية ضبط الوقت بشكل ملحوظ، حيث اعتمد أسلافنا على موقع الشمس لمعرفة الوقت، حيث توصلوا إلى الساعات الشمسية، وفي النهاية إلى الساعات الميكانيكية التي ظهرت في القرن الرابع عشر، والتي غالبًا ما تكون مصنوعة من الحديد وكبيرة جدًا، ويخدم جميعها الغرض المشترك ألا وهو حفظ الوقت.

ظهرت أول ساعة جيب في عام 1510، وقد اخترعها صانع أقفال ألماني يدعى بيتر هينلاين. كانت ثقيلة جدًا وتستخدم في المقام الأول من قبل الحرفيين والنبلاء. وتُنسب ساعة اليد الأولى إلى أبراهام لويس بريجيه، الذي صممها لملكة نابولي في عام 1810. وقد ألهم هذا الابتكار في نهاية المطاف إصدار بريجيه المعاصر، رين دي نابولي، ودفع العديد من العلامات التجارية إلى تبني صيحة ساعات اليد التي نشهدها اليوم. 

وقبل الحرب العالمية الثانية، كانت سويسرا تهيمن على صناعة الساعات، فقد تفوقت بكمية ونوعية الساعات المنتجة عن جميع الدول الأوروبية. ومع ذلك، فقد ظهرت منافسة من منطقة غير متوقعة، وهي اليابان. تحديدا من شركة سيكو، التي حققت نجاحًا محليًا كبير، رغم أن صادراتها في ذلك الوقت كانت محدودة بل محصورة داخل اليابان، فكانت جل مبيعات الشركة من الساعات للجيش الياباني خلال الحرب العالمية الثانية.

البداية ...

قدمت سيكو نموذج أولي لساعات الكوارتز، والتي تم استخدامها في البداية كمؤقت احتياطي لسباقات الماراثون، حيث عرضت تقنية تستعد لإحداث ثورة في العالم. الكوارتز، وهو معدن ينتج ذبذبات عالية الدقة عند تشكيله على شكل شوكة رنانة. وعندما يمر تيار كهربائي عبر الكوارتز، فإنه يهتز بتردد 32,768 ذبذبة في الساعة، مما يتيح حفظ الوقت بدقة عالية. وقد مهد هذا الابتكار الطريق للانتشار العالمي لتكنولوجيا الكوارتز، مما أدى إلى تحول جذري في صناعة الساعات وخارجها.

وفي 25 ديسمبر 1969، كشفت سيكو عن أول ساعة يد تعمل بالكوارتز متاحة تجارياً في العالم، ساعة سيكو كوارتز استرون 35SQ. وكان سعرها 450 ألف ين، أي ما يعادل 10,550 درهم إماراتي اليوم، وكانت باهظة الثمن، حيث كانت بنفس بعض السيارات الشهيرة في تلك الحقبة. في حين أن ساعات اليد الميكانيكية عالية الدقة تعتبر أنيقة ومثيرة للإعجاب إذا كان يتراوح معدل خطئها من بضع ثوانٍ إلى عشرات من الثواني في اليوم، فقد أذهلت ساعة سيكو كوارتز استرون العالم بعلبتها الجميلة المصنوعة من الذهب عيار 14 قيراط، وسعرها، ودقتها التي تبلغ ±0.2 ثانية باليوم و±5 ثوان بالشهر.

ومن خلال جعل هذه التكنولوجيا الحاصلة على براءة اختراع متاحة تجارية، هيمنت سيكو بشكل كبير على سوق ساعات الكوارتز. وتضمنت الابتكارات الرئيسية مذبذب كوارتز مصغر يستهلك الطاقة بشكل أقل ومقاوم للصدمات والعديد من الابتكارات. 

وفي السبعينيات والثمانينيات، بينما كانت اليابان تحتفل، شهدت صناعة الساعات السويسرية الأزمة الأخطر في تاريخها. حيث كانت ستدمر هذه الأزمة، المعروفة باسم "أزمة الكوارتز"، صناعة الساعات بأكملها، وكادت أن تجثو على ركبتيها. حيث بين عام 1970 إلى عام 1988، انخفض معدل التوظيف في صناعة الساعات السويسرية بشكل كبير، حيث انخفض من 90,000 إلى 28,000. 

قفزت العديد من العلامات التجارية مثل باتيك ورولكس وأوميغا في اتجاه الكوارتز. وعلى الرغم من أنها بدت فكرة جيدة، إلا أنها لم تسر كما هو متوقع لهذه العلامات الفخمة، مما أدى إلى زوال ساعات الكوارتز الفاخرة. ومع تطور التكنولوجيا، أصبح التعامل مع حركة الكوارتز أسهل لأنها تتطلب عمالة أقل ويمكن إنتاجها بكميات كبيرة بكفاءة أكبر. وهذا على النقيض من الحركة الميكانيكية، التي تنطوي على تشطيبات معقدة وتتطلب المزيد من العمل اليدوي، مما يجعلها باهظة الثمن.

تعرضت العديد من العلامات التجارية للتصفية أو الإفلاس أو اقتربت من الانهيار. وحتى البنوك رفضت إصدار القروض خوفا من عدم سدادها. ترددت العلامات التجارية مثل رولكس في إطلاق كميات كبيرة من ساعات الكوارتز، واختارت بدلاً من ذلك التركيز على الساعات الميكانيكية الكلاسيكية، التي أصبحت أسماً للفخامة اليوم. ولقد تعاملت العلامات التجارية الفاخرة الأخرى مع الأزمة بشكل مختلف. كانت ساعة "رويال اوك" الأيقونية من اوديمار بيجيه، والتي تم إصدارها في عام 1972، رائدة في فئة جديدة بعنوان الساعات الرياضية الفاخرة. وبالمثل، قدمت باتيك فيليب ساعة نوتيلوس في عام 1976، والتي أصبحت منذ ذلك الحين واحدة من أكثر الساعات شهرة وطلبًا.

اكتسب سوق الساعات اليابانية شهرة عالمية بإعطاء الأولوية للإصدارات ذات الاسعار المناسبة للجميع. وقدمت علامات تجارية مثل سيتيزن وكاسيو إصداراتها الخاصة، والتي شهدت نجاحًا فوريًا. واعتقد الكثيرون أن عصر الساعات السويسرية قد وصل إلى نهايته، مما أثار القلق حتى داخل الاقتصاد السويسري الذي كان يواجه تحديات كبيرة بسبب هذه المنافسة العالمية.

وفي أوائل الثمانينيات، قام نيكولا جورج هايك بدراسة الوضع وحدد حلاً محتملاً، حيث دمج مجموعتين الأكبر للساعات في ذلك الوقت، ASUAG وSSIH، تحت مظلة واحدة وإنشاء مجموعة ساعات جديدة توفر الجودة السويسرية بسعر مناسب. وهكذا، تم تأسيس مجموعة سواتش المعروفة، والتي قامت بتشكيل الإستراتيجية المستقبلية للمجموعة.

صورة للمؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة وقت، الدكتور مالك بن عيسى، وجان كلود بيفر

لم يكن نيكولا الشخصية الوحيدة في عملية الإنقاذ من أزمة الكوارتز، حيث لعب جان كلود بيفر أيضًا دورًا هاماً. في عام 1982، استحوذ على شركة بلان با وانضم إلى فريق هايك. وفضل بيفر مرة أخرى الساعات الميكانيكية الفاخرة، مؤكدا على الحرفية والتقاليد والقيمة الأبدية.

وبالنسبة لبيفر، تتجاوز الساعة وظيفتها كساعة، وتجسد رواية شخصية، وهي فلسفة لا تزال تؤتي ثمارها حتى اليوم. ولا يزال جان كلود بيفر شخصية نشطة في صناعة الساعات السويسرية، ويعمل حاليًا كرئيس غير تنفيذي لقسم الساعات ضمن مجموعة LVMH الفرنسية. وتحت قيادته، تشرف المجموعة على ثلاث علامات تجارية مشهورة للساعات: تاغ هوير، وزينيث، وهوبلو. 

واليوم، تشهد صناعة الساعات في سويسرا نجاحاً غير مسبوق. وتشير التقديرات إلى أن مبيعات رولكس وحدها تجاوزت 10 مليار فرنك سويسري، أي 40 مليار درهم إماراتي، لأول مرة في عام 2023. ويتفوق هذا الإنجاز بشكل كبير على منافسين مثل كارتييه، بمبيعات بلغت 3.1 مليار فرنك سويسري (12.4 مليار درهم إماراتي)، وأوميغا بمبيعات بلغت 2.6 مليار فرنك سويسري (10 مليار درهم إماراتي). وارتفع الطلب على الساعات بشكل كبير، مع خضوع العلامات التجارية في منافسة ودية، مما دفع صادرات الساعات السويسرية إلى مستويات عالية لم نشهدها سابقاً. ويعد هذا القطاع حاسما بالنسبة لسويسرا، حيث يحتل المرتبة الثالثة في الصادرات ويوفر فرص عمل لحوالي 60 ألف شخص.


0 تعليقات