مقال أشهر أنماط التشطيبات وأكثرها طلبًا

نظرة عامة على أنواع تشطيبات ومعالجات الميناء

عندما نتحدث عن أول ما يشد الأنظار في الساعة، فإن الجواب بلا شك هو: الميناء. هذا العنصر ليس مجرد واجهة زمنية، بل هو لوحة فنية تنبض بالحياة وتحكي قصة تحمل بين تفاصيلها الكثير من المعاني. الميناء هو الذي يميز الساعة ويمنحها شخصيتها الفريدة، ويثير الفضول بتفاصيله الدقيقة وتصميمه المبتكر. سواء أكان ذلك عبر مجاملة عابرة من شخص غريب أو نقاش ممتع مع شغوف آخر بالساعات، يبقى الميناء نقطة البداية التي تعبر من خلالها عن ذوقك وشغفك في اختيار الساعة المثالية.

لكن، ما الذي يمنح الميناء هذه الأهمية الاستثنائية؟ بعيدًا عن وظيفته الأساسية في عرض الوقت، يُعتبر الميناء بمثابة لوحة فنية تنبض بالإبداع والحرفية. كل تفصيل، مهما كان صغيرًا أو خفيًا عن العين المجردة، يجسد براعة صانع الساعة ويعكس هوية العلامة التجارية التي تقف وراءه.

في هذا المقال، سنتناول أبرز تقنيات تشطيب الميناء، بدءًا من الأساليب التقليدية التي أثبتت قدرتها على مقاومة الزمن، وصولًا إلى الابتكارات الحديثة التي تعيد تعريف آفاق التصميم. كما سنستعرض المراحل التي تدخل في صناعة هذه الموانئ المبهرة، ونستكشف الأسباب التي تجعلها مصدر إلهام دائم لهواة جمع الساعات وعشّاقها.

الغيوشيه

أحد أشهر التشطيبات هو الغيوشيه، الذي يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر وتم نقله عبر الأجيال حتى يومنا هذا. تهدف زخرفة الغيوشيه إلى إنشاء أنماط معقدة مثل الأمواج والأشكال الهندسية وغيرها العديد، من خلال النقش الميكانيكي لتصميم دقيق ومعقد ومتكرر على الميناء باستخدام آلية الخراطة التقليدية أو مخرطة الخط المستقيم.

يتم استخدام المخرطة التقليدية لحفر أنماط معقدة على قرص مصنوع من النحاس الأصفر، بينما تُستخدم مخرطة الخط المستقيم لإنتاج التصميمات المخططة التي نراها على الموانئ الفرعية أو حول حافة الميناء الخارجية. 

الورنيش

أحد أشهر أنواع الطلاءات هو الورنيش، الذي يُستخدم لتزيين بعض مكونات الساعة، وخاصة الميناء. يتم رش او طلاء الميناء بعدة طبقات من الورنيش الملون، إما بواسطة الآلة أو يدويًا. ويساهم طلاء عدة طبقات من الورنيش في تعزيز جمالية الميناء وكثافة ألوانه، والتي يمكن صقلها لتمنح الميناء لمعة جميلة أو إضفاء عليه لمسة مطفية لمظهر فريد ومميز. وتُعد هذه العملية طويلة ومكلفة نظرًا للدقة والوقت اللازمين لتنفيذها. تُعتبر الموانئ المطلية بالورنيش مرغوبة للغاية بسبب ألوانها الجميلة وتميزها عن غيرها من الساعات.

الإينامل

الإينامل هو نوع خاص من تقنيات الطلاء، والتي تتضمن معالجة مصنوعة من مسحوق الزجاج الممزوج بسوائل خاصة. وهذه التقنية القديمة، التي نشأت بين القرنين الثالث عشر والحادي عشر، تستغرق سنوات لإتقانها. لضمان الحصول على الأنماط الأكثر تعقيدًا من الإينامل، يجب استخدام درجات حرارة دقيقة لحرق مساحيق الزجاج بشكل صحيح دون إذابة الطبقات الموجودة تحتها. وتُستخدم هذه التقنية لإنشاء ميناء يُقاوم البُهتان ويحافظ على ألوانه لعدة قرون.

وغالبًا ما نلاحظ استخدام هذه التقنية في الساعات الفاخرة باهظة الثمن بسبب العملية الدقيقة التي تستغرق وقتًا طويلاً وتتطلب درجة عالية من المهارة. تُستخدم عدة أنواع من الإينامل في صناعة الساعات، بما في ذلك تقنية كلاوزونيه (Cloisonné)، وتقنية شامبليفيه (Champlevé)، وتقنية غراند فو (Grand Feu)، وكل واحدة منها تتميز بخصائصها وأساليب تطبيقها الفريدة.

التشطيب المحبب

يعتبر التشطيب المحبب من التقنيات المستخدمة على نطاق واسع، والتي توجد غالباً على أجزاء الحركة الداخلية وبالطبع على الميناء. تنطوي هذه العملية على خدش أو حفر سطح المعدن برفق، سواء باستخدام الآلات أو يدويًا. والنتيجة هي تشطيب يشبه نسيج حبات الشعير أو دوائر صغيرة جداً، مشابهة تمامًا لنمط الفروستينج. 

السن بيرست

الميناء المشطب بنمط "السن بيرست" أو نمط أشعة الشمس هو نوع من الموانئ التي تتميز بخطوط رفيعة للغاية تشع من المركز. ويحاكي هذا التصميم الطريقة التي تتوهج بها أشعة الشمس، ومن هنا جاء اسمه "السن بيرست"، أي انفجار الشمس أو أشعة الشمس. يُعرض هذا النمط من خلال عملية تشطيب سطح الميناء، لخلق أنماط تعكس الضوء بشكل جذاب.

تحظى هذه التقنية بشعبية كبيرة في صناعة الساعات نظرًا لقدرتها على إضافة أسلوب مميز وجميل للميناء، مما يجعلها مطلوبة بشدة بين عشاق الساعات.

تابيسري

تعتبر الموانئ التي تتميز بنمط التابيسري من الناحية الفنية نوعاً من أنواع  "غيوشيه" (Guilloché) التي تشبه إلى حد كبير نمط "كلو دو باريس" (Clous de Paris). يتم نقشها باستخدام مخرطة "بروكيدينغ" (Brocading Machine) التي تتيح الجمع بين العنصر اليدوي والطابع الميكانيكي، مما يسمح بمعدلات إنتاج أعلى مقارنة بالطرق التقليدية اليدوية البحته التي يعتمد عليها الحرفيون.

وبغض النظر عن ما تفضلونه، فإن تشطيبات الساعات هي حرفة دقيقة تتطلب مهارة وخبرة استثنائية. ولا تُمثل كل قطعة مشطبة فقط قطعة من الساعة، بل لوحاً تتلاقى فيه الحرفية والفن لخلق الجمال الفريد الذي يسحر أعيننا. كل تقنية تقدم جمالية مميزة، تعزز قدرة القطعة على التقاط الضوء، وتعكس أسلوب الساعة، وتحكي قصة من خلال تصميمها. 

إن التفاني والمهارة والاهتمام بالتفاصيل المطلوبة لإتقان هذه التشطيبات يرتقي بجمالية الساعة. ومع استمرار تطور عالم صناعة الساعات، تظل طرق التشطيب هذه شهادة على الحرفية والابتكار اللذين يميزان بعضًا من أفضل الساعات في العالم.


0 تعليقات