مقال ثورة ساعات التيتانيوم

تم اكتشاف التيتانيوم لأول مرة في تسعينيات القرن الثامن عشر على يد الجيولوجي "ويليام جريجور" في كورنوال بإنجلترا، وقد حصل المعدن على اسمه من الخرافات اليونانية "تيتان". ومع ذلك، لم يبدأ استخراجه وتعدينه إلا في القرن العشرين، وهي عملية لا تزال شاقة ومكلفة حتى يومنا هذا. على الرغم من كونه سابع أكثر المعادن وفرة على وجه الأرض، إلا أن عملية الاستخراج المعقدة تساهم في ارتفاع تكلفته مقارنة بالفولاذ. يشتهر التيتانيوم بخفة وزنه ومتانته ومقاومته للتآكل، لقد لعب التيتانيوم دورًا حاسمًا في صناعات مهمة من الأطراف الاصطناعية إلى الطائرات العسكرية ومكونات الصواريخ إلى هياكل السيارات.

ساعة "سيتيزن X-8 كرونوميتر" 

في مجال صناعة الساعات، كانت شركة "سيتيزن" اليابانية رائدة في استكشاف إمكانات التيتانيوم من خلال تقديم أول ساعة من التيتانيوم في العالم، ساعة "سيتيزن X-8 كرونوميتر"  في عام 1970. وكان ذلك بمثابة بداية رحلة تحول على مدار الخمسين عامًا الماضية. لكن السويسريين، الذين كانوا في ذلك الوقت حذرين بالفعل تجاه الكوارتز والتكنولوجيا اليابانية بشكل عام، استغرقوا وقتًا للتعود على المعدن. وكانت ساعة "بورشه ديزاين تيتان كرونوغراف" من شركة "آي دبليو سي" التي قدمت سنة 1980، أول ساعة سويسرية مصنوعة من التيتانيوم.

ساعة بورشه ديزاين تيتان كرونوغراف" المرجع 3700 من شركة "آي دبليو سي". المصدر موقع iconeek.

في حين أن البلاتين والفولاذ أكثر بياضًا ولمعانًا من الفضة، فإن التيتانيوم له لون رمادي داكن وغير لامع تقريبًا. ومع ذلك، فإن كلا من البلاتين والفولاذ أكثر كثافة، وبالتالي أثقل بكثير من التيتانيوم. كمعدن، فهو يتمتع بعدد من الخصائص التي تجعله مناسبًا بشكل مثالي لمجموعة واسعة من التطبيقات، فهو قوي بشكل لا يصدق، وخفيف الوزن، وغير سام، ومقاوم للتآكل. بالنسبة للساعات، فهذا يجعلها مادة مثالية للعلبة. بوزن 60% فقط من الفولاذ المقاوم للصدأ، يمكن ارتداء ساعات التيتانيوم بشكل مريح للغاية.

في صناعة الساعات، الاستخدام الأكثر عملية للتيتانيوم هو لعلبة الساعة. فهو أكثر مقاومة للخدوش الناجمة عن الاستخدام اليومي. والآن تقدم كل العلامات التجارية تقريبًا ساعات من التيتانيوم. بالإضافة إلى العلبة، يتم استخدام المعدن في أجزاء من الحركة، مثل عيار أوميغا 8928 الذي يستخدم التيتانيوم في الجسور واللوحة الرئيسية ، أو ساعة "ديبيتون DB28XP" مع العيار DB2009v5 الذي يستخدم عجلة توازن من التيتانيوم. وأصبحت الأساور المصنوعة من التيتانيوم أكثر شعبية، وذلك بسبب طبيعة المادة المضادة للحساسية. بالنسبة للأحزمة الجلدية أو القماشية، تفضل العلامات التجارية استخدام التيتانيوم على المشابك. مثال على ذلك هو حزام ساعة "جروبيل فورسي كاردان توربيون".

درجات التيتانيوم المستخدم في الساعات وتشطيباتها

غالبًا ما يخرج التيتانيوم من الأرض على شكل خام يسمى "إلمينيت" أو معدن يسمى "الروتيل"، قبل أن يتم تكريره وتشكيله. ومن بين 38 درجة تقريبًا معترف بها وفقًا لمعايير الجمعية الأمريكية للاختبارات والمواد "ASTM"، لكن تم استخدام اثنتين فقط على نطاق واسع للساعات، الدرجة 2 والدرجة 5.

الدرجة الثانية هي الشكل الأكثر نقاءً للمعدن على الرغم من أنه ليس قوي مثل الدرجة الخامسة، هذا المزيج يحتوي على ستة بالمائة من الألومنيوم وأربعة بالمائة من الفاناديوم. من الصعب للغاية تشكيل التيتانيوم من الدرجة الخامسة بسبب صلابته. ومن خصائص المعدن هي عملية تغطية الشقوق بمرور الوقت، هي عملية تلقائية تحدث عندما يتعرض المعد للهواء، فإن طبقة ثاني أكسيد التيتانيوم التي تتشكل فوقها تمنع المعدن من المزيد من التفاعلات، لذلك، في حين أن ساعات التيتانيوم قد تتعرض للخدش في بعض الأحيان، إلا أنها لن تبدو تالفة مثل الساعات الفولاذية على سبيل المثال. تستخدم العلامات التجارية أحيانًا معالجات مثل تقنية دي أل سي (الكربون الشبيه بالألماس) لجعل ساعات التيتانيوم أقوى وأكثر مقاومة للخدوش.

يعد دمج التيتانيوم في الساعات بمثابة تقدم في مجال صناعة الساعات، حيث يعيد تشكيل مشهد تصميم الساعات ووظائفها. ولا تعمل هذه المادة خفيفة الوزن والمتينة على تعزيز المظهر الجمالي العام فحسب، بل تساهم أيضًا في زيادة الراحة عند الإرتداء.

فبينما نستكشف مستقبل صناعة الساعات، فإن دمج المواد المتطورة مثل التيتانيوم هو بمثابة شهادة على الطبيعة المتطورة لصناعة الساعات. إن تبني هذه التطورات لا يضمن فقط إنشاء قطع مميزة، بل يفتح أيضًا الأبواب أمام إمكانيات لا حصر لها، ويضع معيارًا جديدًا لما يمكن أن تحققه الساعة الحديثة.